abdulhalim21.wordpress.com

حفاظ على الهوية العربية أم قمع الآخر

Posted in Uncategorized by abdulhalim21 on جويلية 2, 2009

عبد الحليم سليمان عبد الحليم

تتفاخر الكثير من الدول بتنوعها الإثني والطائفي والديني و تعتبرها مصدر ثروة ونماء وقوة تواجه به التحديات ، وهو كذلك بالفعل خاصة عندما تنفى من هذه الدول الظلم والاضطهاد ويتوافر الاعتراف وإعطاء الحقوق ، فمثلاً ماليزيا التي تضم داخل حدودها عشرات القوميات والأديان والطوائف ترى في نفسها نموذجا مصغراً لقارة آسيا أكبر قارات هذا العالم وتستثمر هذا التنوع حتى في السياحة ناهيكم عن الاستقرار و الأمن و الاقتصاد.قرار التبليغ بتغيير اسم المحل
أما الدول التي تضفي طيف اللون الواحد على دولتها لا يتردد الآخرون بتسميتها بالعنصرية فالعالم ومنه العربي يشهد هذه الأيام إدانة مشروع قرار الكنيست الإسرائيلي الذي يقر بالولاء لدولة إسرائيل اليهودية أو السجن أي نفي الهوية الدينية و القومية للآخرين وبالطبع هذا منافي لمبادئ حقوق الإنسان ولا نتوانى في هذه الحالة عن تسمية إسرائيل بالدولة العنصرية لطالما أنها ستفرض على مواطنين غير يهود الولاء ليهودية الدولة ناهيك عن الممارسات العنصرية اليومية الأخرى.
ويبقى من حق أي إنسان كان أن يحافظ على هويته الدينية والقومية لطالما لا تتعدى على هوية الآخرين ، لكن ما يزعج في هذه الأيام هو طلب الجهات الحكومية بمحافظة الحسكة بناءاً على توجيهات المحافظ بتغيير أسماء المحلات التجارية أياً كان غير عربي إلى العربية حصرا ًويبلّغ صاحب المحل التجاري رسميا بناءاً على الكتاب التالي:
” إلى صاحب محل / / الكائن بمحافظة الحسكة – مدينة / /
يطلب إليكم وبناء على توجيهات السيد محافظ الحسكة تغيير اسم محلكم التجاري من/ /إلى أي اسم آخر تختارونه على أن يكون اسماً عربياً وذلك خلال مدة خمسة عشر يوماً اعتباراً من تاريخ تبليغك
تحت طائلة المسؤولية
من / / 200
المُبلَّغ: الدورية
العنوان:

هذا الكلام يثير الكثير من التساؤلات تجاه وجود المواطنين السوريين غير العرب من أكراد وسريان وآشوريين وغيرهم في بلدهم ،فليس هناك أدنى احترام للغاتهم ولا لهوتهم القومية لا بل هذا الكلام لا يترك وزنا لكلام السيد الرئيس حينما أكد أن الأكراد جزء من النسيج الاجتماعي السوري،فأين بقي هذا الكلام من ذاك التبليغ؟
ثم أليس من حق هؤلاء الناس – غير العرب – أن يرووا أنفسهم من خلال لغتهم سواء عن طريق أسماء بلغتهم أو الحديث بها؟ والأسماء العربية هي نفسها ذات إشكال تاريخي ولغوي فإذا ما افترضنا أن أحدهم أراد أن يسمي محله أحد هذه الأسماء( الرازي –ابن سينا – الخوارزمي ….)فهل هذه الأسماء عربية ،و الجواب حتما لا رغم مساهماتها الكبيرة في التاريخ الإسلامي في المنطقة.
وما هذا التعامل التمييزي في هذه المحافظة ، فعندما تقوم بجولة صغيرة في شوارع العاصمة دمشق يلفت نظرك مئات اللافتات لأسماء المحلات بلغات أجنبية مختلفة من إنكليزية وفرنسية واسبانية وحتى إيطالية.. في حين أن ثراء ثقافة هذا الوطن ممنوع من التداول
لا يجوز لمثل هذه القرارات أن تنفذ أو حتى أن تصدر بداعي الحفاظ على الهوية العربية فمثل هذه القرارات لا تحافظ بل تزيد العداء لها وتزيد من الشكوك والريبة بين أبناء الوطن الواحد وتساهم في قمع الآخر غير العربي.

أضف تعليق